قال خبراء اقتصاد وبرلمانيون وسياسيون وإعلاميون إن عدداً من الدول العربية ترغب في مساعدة الأردن اقتصادياً, لكنها تتساءل عن المسار الذي تذهب إليه المساعدات التي تأتي إلى الأردن مطالبين بإجراءات حاسمة لمحاربة الفساد, لتشجيع الدول المانحة والدول التي تقدم مساعدات للأردن. كما دعوا إلى ضرورة وجود نظام ضريبي عادل على أساس تصاعدي مع تفعيل دور الزكاة في المجتمع
جاء ذلك خلال حلقة نقاش نظمها المركز الأردني للدراسات والمعلومات بعنوان واقع الاقتصاد الأردني وآفاقه المستقبلية, أدارها رئيس المركز بلال حسن التل, الذي قال في مستهل الحوار: ونحن نتحاور حول واقعنا الوطني لنتساءل: هل يجوز لنا أن نهرب من حقائق هذا الواقع؟ والى متى يمكننا الفرار من مواجهة هذه الحقائق؟ خاصة إذا كانت هذه الحقائق تملأ علينا حياتنا ونحس بها ضاغطة على مشاعرنا, ومع ذلك فإننا نتهرب من الاعتراف بها ومواجهتها, مع ان المواجهة هي طريق الخلاص مهما كانت مؤلمة.
ودعا المشاركون إلى إعادة ترتيب الأولويات والتأكيد على ترسيخ الديمقراطية, لأن هناك علاقة وثيقة بين الديمقراطية والتنمية, خاصة وان الديمقراطية من شأنها تعزيز المحاسبة والمساءلة كما دعوا إلى الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا من اجل زيادة الإنتاج والى رفع الإنتاجية الأردنية, والى إيجاد نظام للاستثمارات المتبادلة بين الأردن ودول الخليج العربي والى تدعيم مؤسسات الرقابة مع إنشاء مؤسسة للنزاهة والحاكمية الرشيدة.
وكان الدكتور جواد العناني قد استهل الحوار بورقة عمل جاء فيها: إن احتساب العجز على أساس التوقعات بدلاً من احتسابه على أساس الالتزام, كان خطأ وتوقع العناني زيادة العجز الحقيقي في الموازنة العامة عن ملياري دينار أردني خاصة بعد زيادة النفقات بسبب الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة وفي طليعتها زيادة الرواتب دون ان تبين مصادر تمويل هذه الالتزامات.
وقال العناني: إننا امام حقائق صعبة, أولها: ان أسعار النفط في ارتفاع مستمر, كذلك فإن أسعار المواد الغذائية الرئيسية زادت مطلع العام بحوالي 30% وقد بدأت منظمة الزراعة والأغذية الدولية وكذلك البنك الدولي يحذران من حدوث مجاعات بسبب هذه الزيادة في الأسعار. علما بأن الأردن يستورد شهرياً حسب أرقام عام 2010 مواد غذائية بمبلغ يتراوح بين 130 إلى 140 مليون دينار شهرياً ويصدر بمبلغ يتراوح ما بين 40 إلى 50 مليون دينار أي ان لدينا عجزاً شهرياً يصل إلى 100 مليون دينار شهرياً, وامام هذه الحقائق فإننا مقبلون على ارتفاع كبير في الأسعار خلال الفترة المقبلة مما سيجعلنا في مواجهة معضلة حقيقية. فإما ان ترفع الحكومة الأسعار وتعكسها على تكاليف المعيشة مما سيؤدي إلى زيادة التضخم, أو انها ستدعم الأسعار مما سيؤدي إلى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة وهذا يعني مزيداً من الاقتراض بحيث يتم تجاوز الحدود الآمنة للاقتراض.
وقال العناني: إن التحدي الاقتصادي الذي نواجهه يزيد خطورة جراء مطالب عملية الإصلاح السياسي التي تزيد الأعباء على الخزينة جراء رفع الرواتب, والذي سيكون على حساب خلق فرص عمل جديدة, وبذلك فإننا نقف أمام (خيار الصفر) الذي يجعلك تحل مشكلة من خلال خلق مشكلة جديدة, خاصة وأن لدينا مشكلة (الكساد التضخمي).
وتوقع الدكتور العناني أن يؤدي العجز في الموازنة إلى ارتفاع نسبة البطالة, خاصة وان لدينا مقياساً للبطالة لا يتم الحديث عنه وهو طول فترة الانتظار بين البحث عن العمل وإيجاد فرصة العمل, والتي قد تمتد إلى سنوات. مما يخلق ضيقاً إضافياً لدى الباحثين عن عمل.
وأشار العناني إلى الموسم المطري الضعيف هذا العام والذي سيزيد من العجز في المواد الغذائية المنتجة محلياً, ويزيد من فاتورة الاستيراد مما سيجعلنا أمام تحدٍ كبير يتمثل بعجز الميزان التجاري الذي سيصل إلى أكثر من 5.5 مليار دينار أردني تضاف إلى عجز الموازنة العامة التي تزيد عن ملياري دينار أردني. هذا بالإضافة إلى ان كل قطاع من قطاعات الاقتصاد الأردني لديه مشكلاته الخاصة التي تزيد من أعباء مجمل الاقتصاد الأردني.
وطالب العناني بانشاء بنك إسلامي للتنمية في الأردن برأسمال لا يقل عن 500 مليون دينار للاستفادة من عملية النمو في الأرصدة الإسلامية, حيث تتوقع الدراسات ان يصل مجموع الاستثمارات المحررة بالصكوك الإسلامية إلى حوالي 3.3 ترليون دولار عام 2020 داعياً إلى جعل الأردن مركزاً للاستثمار الإسلامي. كما دعا العناني إلى خلق شبكة تكافل اجتماعي في الأردن