في إطار الاجتماعات الدورية والتواصل المستمر مع البنوك، اجتمع محافظ البنك المركزي الأردني الشريف فارس شرف يوم الخميس الماضي مع رؤساء مجالس إدارات البنوك ومدرائها العامّين، وذلك لاطلاعهم على توجهات البنك المركزي بشأن السياسة النقدية والمصرفية في المرحلة المقبلة. وفي بداية اللقاء، أكد المحافظ أن الهدف الرئيس للبنك المركزي الأردني يتمثل في تحقيق الاستقرار النقدي إلى جانب استقرار المستوى العام للأسعار، وتوفير هيكل أسعار فائدة يتلاءم مع مستوى النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى استقرار الجهاز المصرفي، حيث إن وجود جهاز مصرفي سليم ومتطور يعزز من فرص النمو القابل للاستمرار.
وأشار المحافظ إلى أن الاقتصاد الأردني قد تعرض لهزات سابقة وخرج منها متعافياً وبأقل خسائر ممكنة، لافتاً إلى أن الاقتصاد الأردني سيستمر بمواجهة الصعوبات والتطورات الإقليمية بثقة واقتدار بفضل أساسيات الاقتصاد الوطني السليمة والقوية. علاوة على ذلك، فإن البنك المركزي يرجع العديد من التطورات التي يشهدها الاقتصاد الأردني إلى عوامل نفسية في ضوء الأزمات والتحديات الاقتصادية التي نشأت عن عوامل خارجية، الأمر الذي يتطلب منا تعزيز الثقة في الاقتصاد الأردني وبقدرته على مواجهة هذه التطورات.
وقد أشار المحافظ إلى أنه وبالرغم من التوترات في المنطقة إلا أن الاقتصاد الأردني قد سجل مؤشرات إيجابية أكسبته قدرة أكبر على مقاومة التحديات والتعامل مع نتائجها، حيث بلغ معدل نمو الصادرات الوطنية 18.3% خلال الشهر الأول من عام 2011، واستمر الدخل السياحي بالارتفاع خلال الشهرين الأولين من عام 2011 بما نسبته 3.9%، إضافة إلى ثبات الدخل من حوالات الأردنيين العاملين في الخارج. وتشير تقديرات البنك المركزي إلى بقاء معدلات التضخم ضمن المستويات الآمنة خلال عام 2011، حيث بلغ معدل التضخم خلال الشهرين الأولين من عام 2011 ما نسبته 4.4%. وكما تعافت دورة الائتمان لتصل معدلات نمو التسهيلات الائتمانية إلى حوالي (370) مليون دينار منذ بداية عام 2011.
وتشير أحدث بيانات مؤشرات المتانة المالية للبنوك إلى أن نسبة كفاية رأس المال بلغت 20.3% في نهاية عام 2010، وهي نسبة مرتفعة وأعلى من النسبة المفروضة من قبل البنك المركزي والبالغة 12%. كما يمكن ملاحظة استمرار النهج التصاعدي في كفاءة البنوك من خلال ارتفاع أرباحها.
وبشأن المرحلة القادمة أشار المحافظ إلى أن توجهات البنك المركزي ستعتمد على تطور العديد من المتغيرات الاقتصادية لعل من أهمها النمو الاقتصادي ومستويات التضخم، وأداء الجهاز المصرفي، وتطورات كل من عجز الموازنة العامة للدولة والحساب الجاري والمالي لميزان المدفوعات. فالأخير يتضمن تطورات الصادرات والمستوردات والدخل السياحي وحوالات العاملين إلى جانب تدفقات الاستثمار الأجنبي وقدرة الاقتصاد الوطني على توليد احتياطيات إضافية من العملات الأجنبية. فإذا ما استمر النمو الاقتصادي أقل من المستويات المرغوبة وبقيت معدلات التضخم ضمن الحدود الآمنة، و قلصت الحكومة من العجوزات المالية والدين العام واستمر استقرار أداء الجهاز المصرفي واستمرار الحساب المالي والرأسمالي في تمويل عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات، فسيستمر البنك المركزي في دعم النمو الاقتصادي واللجوء إلى السياسات النقدية التيسيرية والإبقاء على المستويات الحالية المنخفضة لأسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية.
وبالنتيجة وفي ظل الظروف والمستجدات المحلية والدولية سيتبع البنك المركزي الأردني سياسات نقدية تستند إلى أقصى درجات الحرص والتفاعل المرن والمدروس مع كافة التطورات في الاقتصاد الوطني والدولي وكذلك التطورات على صعيد أسواق النقد المحلية والعالمية وأسعار الفائدة السائدة في هذه الأسواق، وبما يكفل الحفاظ على الانجازات المتحققة وقابليتها للاستمرار.