الاضطرابات السياسية تؤثر سلبا على النشاطات الاقتصادية الاساسية
د. سيف: عدم وضوح الرؤية السياسية سيولد أزمة اقتصادية
التل: عزوف عن الاستثمار بالمنطقة وتخوفات على الاسواق التصديرية العربية
الرباعي: بروز حالة من (عدم اليقين) وتراجع (الثقة) في الاقتصاد الاقليمي
العرب اليوم - علي الرواشدة ومعاذ فريحات ...
دعاء خبراء ومتخصصون بالشأن الاقتصادي الحكومة الى تشكيل لجنة للحوار الاقتصادي بموازاة تلك التي تعمل في الجانب السياسي للخروج بحلول سريعة, لتفادي تأثيرات المناخ السياسي الاقليمي على الاقتصاد الوطني.
ويرى هؤلاء في تصريحات لـ العرب اليوم ان الاقتصاد الوطني والذي بدأ بالخروج من الازمة المالية العالمية دخل تحت طائلة تأثيرات الازمات السياسية والامنية في المنطقة.
ويرى هؤلاء ان اجواء عدم اليقين وانخفاض الثقة ستؤثر على قطاعات اقتصادية محددة كالقطاع السياحي واستقطاب الاستثمارات والحوالات والتصدير, اضافة الى تخوفات من اثر صعود اسعار النفط والسلع الاساسية على معدل التضخم.
يقول نائب رئيس الوزراء الاسبق, الدكتور محمد الحلايقة ان الاقتصاد الاردني كان يعاني من معضلات اقتصادية قبل أن تبدأ الازمات السياسية في المنطقة, كالعجز والمديونية وتباطؤ النمو والتضخم, جراء الازمة المالية العالمية.
وتابع, هذه الازمات السياسية تضيف المزيد من الملح الى الجرح.
وشرح الدكتور الحلايقة بالقول: القطاع السياحي الذي كان يعول عليه في دعم ميزان المدفوعات والاقتصاد تعرض الى تراجع والغاء واسع للحجوزات في المدى المنظور, ومن غير الممكن ان يسد العجز في القطاعات الاخرى.
كما ان تخفيض الانفاق الرأسمالي للحكومة أثر على تشغيل العمالة ونسب البطالة بشكل عام بينما هناك انخفاض واسع في مؤشرات السوق المالي أثر على مدخرات المواطنين التي باتت مجمدة في السوقين المالي والعقاري وكلاهما يشهد تباطؤاً نتيجة شح السيولة.
ووصف الدكتور الحلايقة عام 2011 بالصعب داعياً الى التكيف مع تطورات الاوضاع خاصة في جانب ارتفاع اسعار النفط العالمية.
وشدد الدكتور الحلايقة على اهمية الحوار الاقتصادي بموازاة الحوار السياسي للتوصل الى افضل الحلول والاليات للخروج من المأزق الاقتصادي الحالي اذ لا تتحرك نسب الفقر والبطالة منذ اعوام ويخشى ان تستمر على هذا الوضع او تتفاقم مستقبلاً.
كما ان التضخم مرشح الى الانفلات مع مواصلة اسعار النفط في الصعود, وعودة عجلة النمو الى سابق عهدها في المدى القريب تبدو صعبة, الا اذا تم وضع برنامج اقتصادي متكامل لهذه الغاية.
وأشار الى أهمية التركيز على تشجيع المزيد من الصادرات وتحفيز الاستثمارات الاجنبية, واستقطاب الرساميل العربية التي تبحث عن ملاذات في هذا الوقت.
وحذر الحلايقة الحكومة من الانصراف الى الشأن السياسي ونسيان الشق الاقتصادي الذي يجب ان يتم المضي بالاصلاح بهذا الجانب عبر لجنة حوار اقتصادية وطنية لمناقشة الافكار السريعة والحلول, فمثلاً يبدو ان التوجه الحكومي لالغاء الاعفاءات الممنوحة لقطاع العقارات يعاكس التوجه المطلوب لتحفيز اداء القطاع.
وزاد, هناك ملاحظات على اداء الفريق الاقتصادي, ولربما جراء انشغاله بمشروع قانون الموازنة العامة هذه الفترة ويجب ان يعطى فرصة لوضع الحلول.
وشدد على اهمية التركيز على كبح الفساد وهدر المال العام, وجهد حكومي مضاعف في جانب استقطاب المزيد من الاستثمارات والمساعدات والمنح.
وزير الصناعة والتجارة الاسبق واصف عازر يرى ان حالة عدم الاستقرار السياسي التي تمر فيها المنطقة تضر بالمناخ الاقتصادي الوطني, إذ ان مؤسسات التصنيف الدولية تأخذ بشكل كبير بمؤشر الاستقرار السياسي الذي ينعكس بالضرورة على تصنيفات اقتصادات المنطقة.
واضاف ان تخفيض التصنيفات لبعض الجوانب الاقتصادية في الاردن يعني ان المستثمرين سيكونون أكثر حذرا, مشيرا ان حالة عدم الاستقرار الداخلي ستضر بالمصالح الوطنية الاقتصادية على المديين القريب والمتوسط.
ودعا عازر الجميع الى الابتعاد عن العنف الذي ينعكس سلبا على كل الاطراف المعنية من جهة, والاقتصاد الوطني من جهة اخرى, خاصة إذا شعر المستثمر ان البيئة التي يتواجد فيها غير آمنة او مستقرة.
ودعا الحكومة إلى ضرورة الاستعجال في مجال الاصلاحات السياسية والاقتصادية, خاصة التي نادى بها الملك عبدالله الثاني مؤخرا, بما سينعكس إيجابا بالضرورة على الوضع الاقتصادي المحلي.
بدوره اوضح أمين عام المجلس الاقتصادي والاجتماعي الدكتور ابراهيم سيف ان الاضطراب السياسي سواء الاقليمي او المحلي يرفع من درجة المخاطر بما ينعكس سلبا على اسعار الفائدة ورسوم اعادة التأمين وتصنيفات الديون, أي بما يرفع من التكاليف على الاقتصاد.
وذكر ان عدم وضوح الرؤية السياسية خلال الفترة المقبلة سيؤدي إلى أزمة اقتصادية, حيث ان الازمة حاليا سياسية ويترتب عليها تكاليف اقتصادية.
ودعا الحكومة إلى ضرورة إيجاد منظومة تحكم العمل الديمقراطي وبسرعة, حيث لا يجب ان تتوقف الامور عند الوعود إنما يجب التسريع في اصدار قوانين مهمة خلال الفترة الحالية, منها: قانون الانتخابات وقانون الاحزاب.
وتوقع ان يشهد القطاع السياحي في الشرق الاوسط أثارا سلبية في ظل الازمات السياسية, حيث تراجعت الحركة السياحية خلال الشهرين الماضيين بشكل حاد.
يشمل تأثير تطورات البيئة السياسية, بحسب الرئيس السابق لغرفة صناعة الزرقاء محمد التل, الاثر المباشر على الصادرات الوطنية خاصة الاسواق المضطربة مثل ليبيا وتونس واليمن والسودان ومصر, والمستوردات منها كالغاز المصري مثلاً.
وأشار التل الى الانعكاس السلبي لهذه التطورات على الصناعة التصديرية وذلك لتوقف عمل البنوك والمؤسسات المالية في تلك الدول وبالتالي لا وجود لاجراء التحويلات المالية يضاف الى ذلك اغلاق الموانئ والاسواق. وعدم امكانية وكلاء الشركات الاردنية من تسويق المنتجات الاردنية في هذه الدول.
ونوه الدكتور التل أن الاستثمارات في اسواق المنطقة جمدت اعمالها لحين تبلور الاوضاع السياسية في المنطقة, كما أن هناك حالة عارمة من العزوف عن العمل الاقتصادي والاستثماري في المنطقة وانتظار الى ما ستؤول اليه الامور خاصة في الشق الاستثماري.
واشار الى شيوع حالة من التخوفات حول ما هو آت في المنطقة.
وأكد ان القطاع السياحي بدا كأكبر المتأثرين خاصة الحجوزات المستقبلية اذ ان السائح الوافد والمستثمر الخارجي ينظر الى منطقة الشرق الاوسط برمتها دون التفحص في اوضاع كل دولة على حدة.
وبحسب الدكتور التل, فقد انعكست الاوضاع الاقليمية على مرآة اقتصادياتها الا وهي الاسواق المالية التي شهدت تراجعات واسعة الاونة الاخيرة.
من جانبه, ذكر أن رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الهاشمية أرقم الرباعي أن أجواء عدم الاستقرار السياسي والامني في المنطقة أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد الاردني, خاصة على قطاعات السياحة والخدمات عموما, اضافة الى امكانية استقطاب الاستثمارات الى السوق المالي.
بحسب الدكتور الرباعي ان تأثير الحوادث السياسية بالمنطقة تتركز على جانب الثقة بشكل اساسي فالمنطقة مشحونة باجواء من عدم اليقين.
ونوه ان الاستثمارات الخليجية في مصر كان يعول على استقطابها في المملكة لكنها عادت ادراجها صوب دول الخليج مجدداً.
وقال الدكتور الرباعي, الاقتصاد الوطني جزء من اقتصاديات المنطقة والمستثمرون ينظرون الى المنطقة برمتها والتأثيرات السلبية تطال الاقليم, يضاف الى ما سبق انه حتى الشركات الاردنية توقفت عن الاستثمار والتوسع وبالتالي التوظيف.
والمح الدكتور الرباعي ان التقارير الاقتصادية للفترة المقبلة ستحمل في طياتها اظهار التأثيرات السلبية او الايجابية للاحداث الاقليمية على الاقتصاد الوطني.
وعوّل الرباعي على اهمية استقرار الانظمة والتشريعات الاقتصادية كحافز مشجع للمستثمرين الدوليين اضافة الى منح صورة ايجابية عن الاوضاع في المملكة, لرفع نسب الاستثمار الوافد.
وكانت وكالة موديز انفستورز سرفيس للتصنيف المالي انها خفضت تصنيف الاردن فيما يتعلق بالسندات الحكومية بالعملة الاجنبية بي ايه 2 من مستقر الى سلبي نتيجة الاضطرابات في منطقة الشرق الاوسط.
وقالت الوكالة في بيان سابق ان اعلانها هذا جاء نتيجة قلق موديز من مخاطر الهبوط المالية والاقتصادية المتعلقة بالاضطرابات الجارية في المنطقة والتي ارتفعت في اعقاب الاحداث في تونس ومصر.
وقالت الوكالة انها خفضت تصنيفها لسندات الحكومة بالعملة المحلية من +بي ايه 3+ الى +بي إيه 2+ مع توقعات سلبية. كما خفضت سقف العملة المحلية في المملكة من +ايه 3+ إلى +بي إيه 1+.
وحذرت الوكالة من انها قد تخفض تصنيف الحكومة للاردن بي ايه 2 اذا كان هناك اضطرابات سياسية معيقة تهدد ضعف هيكلية العوامل الاساسية للائتمان في الاردن والمتعلقة بالتصنيف.
واشارت ان هذا قد يشمل تدهور ميزان المدفوعات مما يؤدي الى انخفاض كبير في احتياطات العملة الاجنبية او انزلاق مالي يتسبب في ارتفاع الدين العام.
كما ثبتت وكالة التصنيف الائتماني العالمية ستاندر اند بورز تصنيفها لوضع العملة الصعبة في الاردن عند BB/B على المديين البعيد والقصير, كما راجعت تصنيفها للعملة المحلية على المدى القصير والطويل, وخفضته من ZBBB-/A-3Z إلى ZBB+/BZ. وراجعت النظرة المستقبلية للدينار الاردني والعملة الصعبة من مستقرة إلى سلبية.
وأبقت ستاندر اند بورزعلى تصنيفها عند "BBB-" بالنسبة لتحويل الدينار الاردني, وقالت إنها لا ترى أي تأثير للأحداث الاخيرة من مظاهرات في الاردن على وصول القطاع الخاص للعملة الاجنبية التي ستحتاجها الشركات للاستدانة.